قصيدة في يوم السبت اكتملتْ في يوم الأحد
ماذا سأفعلُ ؟
قد خلتْ ، منذ ارتحالِ الطيرِِ ، ســاحتُنا ...
وجاءَ الغيمُ .
جاءتْ ، لا كما تأتي الـفُجاءةُ ، قطرةٌ أولى ، فثالثةٌ .
و لكنْ لم يجئ مطرٌ .
أقولُ : حديقةُ السنجابِ والأيَلِ استحالتْ منزلاً لي ...
سوف أهبطُ ، هكذا ، متدلِّياً بسجارتي وحبالِ أوراقي لأبلُغَ منــزلي الـممتدَّ
من أُفُقٍ إلى أُفُقٍ . بُحيراتٌ تَرَقْرَقُ بغتةً ، وتَرِقُّ . يوقظُني بها الإوَزُ العــراقـيُّ
المهاجِرُ . هل سيُعلِنُ وقتَ إغلاقِ الحقيبةِ في الضحى الأبديِّ ، طيرُ الطَيطَوى ؟
الدنيا معلّقةٌ بشفرةِ عُشبةٍ . لا وقتَ لي . لا وقتَ حتى للحقيبةِ آنَ أُغـلِقُهـا .
نسيمٌ عابثٌ يتخلّلُ الأوراقَ : أحياناً يُبَعثِرُها ، وأحياناً يدور بها ، بلا استئذانها ،
فتدورُ ...
بردٌ جاءَ يخترقُ الزجاجَ مضاعفاً .
ماذا سأفعلُ ؟
أفتحُ البابَ الخفيفَ لضيفتي :
سمَكاتُها عادتْ إلى النهرِ . البلادُ بعيدةٌ . وكذلك الأنهارُ . اسألُها ولستُ أريدُ من أحــدٍ
جواباً . ساحةُ الـمَبنى معلّقةٌ . هواءٌ ثابتٌ . قدمايَ ثابتتانِ ، لكني أطيرُ . الضوءُ ملتبسٌ .
سأتركُ للرياحِ وللطيورِ القولَ .كانت ضيفتي مفتونةً بفضيلةِ الأوراقِ . كانت ضيفتي مفتونةً
باللونِ أســوَدَ . للأريكةِ في المساءِ مُلاءةٌ صفراءُ . ثَمَّ فراشــةٌ من قُـنّةِ الأنديزِ تتبعُني .
أقــولُ لضيفتي : اتّـكِئي علَيَّ ، أنا ، الضعيفِ ، لتلبسي جسـدَ الفراشـةِ . أيّما امرأةٍ
تجيءُ هنا ، تصيرُ فراشــةً . في الليلِ نستهدي بشمعِ النحلِ . عندَ الصبحِ نستعدي بجذعِ
النخلِ .
مصرُ بعيدةٌ ...
ماذا سأفعلُ ؟
يَـهدُرُ الطَّـيَـرانُ . بَرْقٌ في البعيدِ ، وبينَ أشجارِ الصّنوبَرِ . عندَ أطرافِ البحيرةِ يَخْضِدُ
الرعدُ الحشيشَ وزهرةَ اللبلابِ والقرّاصَ . قاعـدةٌ وبُرْجٌ للمراقَبةِ . الجنودُ سيهبِـطـونَ .
لهم توابيتٌ وعُكّازاتُ جَرْحى . إنه الليلُ الطويلُ . وفي البلادِ تنامُ بغدادُ اليتيمةُ في ضفائرِها .
وتصحو الأعظميّـةُ حينَ يشتدُّ الهديرُ المدفعيُّ . الحربُ تسكنُ ما يؤلِّفُ مشهدَ اللبِــناتِ .
ما يُفضي إلى دربٍ . وما يصِلُ الشوارعَ بالشوارعِ . يَهدُرُ الطيَرانُ . ضاحيتي هـــنا
لا تسمعُ الطيَرانَ ، لا تدري بهِ ...
ماذا سأفعلُ ؟