يؤكد الأمين العام لحزب التيار الوطني الدكتور صالح ارشيدات أن الإجراءات الحكومية حتى الآن تسير نحو إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، منتقدا اعتماد الحكومة للكشوفات الانتخابية العام 2007 "رغم ما شابها من شكوك وريبة واعتراض".
ويركز العين ارشيدات، في حوار مع "الغد" على أهمية سيادة القانون لأنه المرجعية الوحيدة الفاصلة في القضايا المجتمعية الساخنة التي حدثت مؤخرا في الأردن.
ويعتبر ارشيدات أن الحكومات بشكل عام "ما تزال تنظر إلى العمل الحزبي على أنه غير مجد"، مشيرا إلى أن التجربة الحزبية المشروعة في الأردن ما تزال حديثة وبحاجة إلى سنوات طويلة حتى تؤتى ثمارها.
ويرفض محاسبة التجربة الحزبية قبل نضوجها واستقرارها. لكنه في الوقت ذاته يرى أنه "ليس عيبا أن يطمح الحزب لأن يشكل حكومة إذا توافرت لديه الأغلبية البرلمانية".
ويدعو السفير الأردني السابق في ألمانيا الدكتور ارشيدات وزارة الخارجية إلى تفعيل ودعم دور السفارات الأردنية في الخارج، لما لها من دور مهم في ترويج الأردن سياحيا وتنشيط السياحة الطبية العلاجية، وجذب الاستثمارات التي ترفد الاقتصاد الوطني، ومتابعة قضايا الجاليات الأردنية في الخارج وحل مشاكلها.
ويرى وزير المياه السابق، ورئيس لجنة المياه والزراعة في مجلس الأعيان ارشيدات أن الحل لتوفير الأمن المائي في الأردن هو الإسراع في تنفيذ مشاريع تحلية في العقبة، معتبرا أن مشروع مياه الديسي وقناة البحرين مشاريع طويلة الأمد لن تحد من مشكلة العجز المائي في الوقت الحالي.
وفيما يلي نص الحوار:
• يتسع حجم المقاطعة للانتخابات النيابية المقبلة من "الإخوان المسلمين" وحزب الوحدة الشعبية، ويبرر هؤلاء أن مقاطعتهم تعود إلى مخاوف من عدم نزاهة الانتخابات المقبلة، هل تنظرون كحزب إلى هذه المقاطعة بجدية؟ وما رأيكم بخيار المقاطعة أو المشاركة؟
- بداية، أعلنا في حزب التيار الوطني أننا سنشارك في العملية الانتخابية التي تمثل جزءا أساسيا في عملية البناء الديمقراطي لهذا البلد، ومن خلال المشاركة في الانتخابات باعتبارها واجبا وطنيا وحقا دستوريا، فإن المكان الوحيد الذي يقرر فيه موضوع التغيير ومناقشة قضايانا هو مجلس النواب، وسط هذه المعادلة، أتفاجأ بأن تكون هناك مقاطعة، ولكن على المواطن أن يدرك أهمية هذه المشاركة قبل أن يقاطع.
رأينا باختصار، أن المشاركة ضرورية، ونحن سنتغاضى عن كل الأسباب التي أدت إلى وجود أجواء مشحونة بالسلبيات، ونقول: لا بد أن نجرب ونبدأ صفحة جديدة، وخصوصا وأن جلالة الملك عبدالله الثاني ركز في خطاباته المتتالية حول الانتخابات النيابية ومنها الموجهة للشباب (رسل التغيير)، أن هناك إرادة سياسية واضحة لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، ورغم أن هناك اعتراضات حول قضايا محددة حول قانون الانتخاب، وإجراءات سيريها وعمليات التسجيل، إذ كنت أتمنى على الحكومة أن تمنح نفسها الوقت الكافي والمناسب؛ لإجراء العديد من التحسينات على الإجراءات الانتخابية، ومنها موضوع التسجيل وإعداد كشوفات انتخابية جديدة بدلا من اعتماد كشوفات 2007 لأن الإطار العام حول هذه الكشوفات أحاطه الشك والريبة.
• هل يوجد تفكير لدى حزبكم بخوض الانتخابات من خلال تشكيل تحالفات مع قوى أخرى قريبة منكم؟ وهل أنتم مع إجراء الحكومة حوارا مع القوى الأخرى التي ترفض المشاركة في الانتخابات للخروج من المأزق؟
- قد يكون لدى بعض القوى السياسية المنظمة والأحزاب سبب وجيه لتشكيل التحالفات، لكن حزب التيار الوطني سيخوض الانتخابات وحده وضمن قائمة محددة، وهذا ما تقرره قيادة الحزب من خلال البيان الانتخابي.
وفيما يتعلق بالدعوات السياسية بأن تعمل الحكومة على محاورة القوى المقاطعة للانتخابات، أقول إن رئيس الحزب عبدالهادي المجالي في خطاباته أثناء افتتاح مقري الحزب في الزرقاء ومعان، كان واضحا، إذ دعا حزب جبهة العمل الإسلامي وغيره من الأحزاب إلى أوسع مشاركة انتخابية، ونحن مع هذا التوجه لأننا نعتقد أن هذا حق دستوري. وأرى أن الإجراءات الحكومية حتى الآن مطمئنة باستثناء معالجة الاعتراضات على موضوع الأصوات المنقولة التي ذهبت من دائرة إلى أخرى العام 2007، وهذه المسألة تشكل لدى المعترضين نقطة ساخنة للاعتراض، أما بالنسبة إلى القانون فقد تم إقراره وانتهى، إذ علينا أن نذهب إلى الانتخابات ضمن هذا القانون ولنجرب، وكذلك نريد أن نعزز من مفهوم حق وواجب المشاركة الشعبية، حتى لو ذهب الناخب إلى صندوق الانتخاب وقدم ورقة بيضاء.
إن ما نتمناه أن يعود الإسلاميون عن مقاطعتهم للانتخابات، فهم جزء أساس من مفهوم التعددية السياسية، ومن نسيج هذا الوطن، ونحن جميعا نشكل حاضنة العمل الوطني من خلال الأحزاب المعارضة أو الوطنية أو النقابات وتنظيمات المجتمع المدني، وحتى الآن لم نتفق أن نجلس معا، لكن في النهاية سنجلس، ونصل إلى حلول توافقية حول القضايا المطروحة.
نحن لسنا ضد أي اجتماع للحكومة مع الإسلاميين وغيرهم، والحقيقة أن مشاركتهم في الانتخابات تظهر صورة الأردن الديمقراطي.
• أجمعت القوى السياسية على أن الأجندة الوطنية في محاورها مناسبة للمرحلة الحالية، إلا أنه يوجد تجاهل واضح من الحكومات المتعاقبة للاتفاق على هذه الأجندة، بتسويقها تبريرات غير مقنعة، لماذا هذا التجاهل لمبدأ الإجماع والاتفاق من وجهة نظركم؟
أعتقد أن الأجندة الوطنية في محورها السياسي مناسبة للمرحلة المستقبلية، وخاصة فيما يتعلق بقانون الانتخابات والتوصية بوجود قائمة نسبية.
لو نظرنا إلى الوضع الحالي للأحزاب الوطنية نجدها برأيي الشخصي غير مستعدة للاستفادة من خصوصية القائمة النسبية لو طبقت هذا العام، باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي وربما حزب آخر، بالمعنى الصحيح نحن كحزب تيار وطني نسعى للقائمة النسبية، وسنطالب الحكومة من جديد في الانتخابات المقبلة أن تعتمد "النسبية" باعتبارها جزءا من خيارات لقانون الانتخابات.
أما بالنسبة لإجراءات الحكومة فيما يتعلق بالأجندة الوطنية، أنا اتفق مع الأصوات التي تنادي بتطبيق الأجندة الوطنية باعتبارها ميثاقا وطنيا، وخصوصا أنها أعدت بإجماع وبتقنية عالية وبأفكار متقدمة، نسجتها شخصيات وطنية وأحزاب ساهمت في أن تكون تلك الأجندة قابلة للتنفيذ، بهدف الوصول إلى أردن حديث، وللأسف الشديد مضى على إطلاق الاجندة أكثر من 5 أعوام ولم يستفد من محاورها في الحياة السياسية والاجتماعية.
• بدأت العملية الانتخابية، من خلال التسجيل وتعليق الجداول، ودخلنا الآن في مرحلة الاعتراض، هل لحزبكم أية ملاحظات على إجراءات العملية الانتخابية حتى الآن؟
كما ذكرت، الفترة الزمنية لعملية الاعتراض على الأصوات المنقولة هي مدة قد تكون غير كافية للوصول بنتيجة لما يريده الناخب، بسبب كثرة الاعتراضات، وكان الأجدى أن لا تتم هذه العملية - أي الاعتراض- من قبل الناخب بل من قبل أجهزة مدنية معينة، قادرة على عملية التنقيح بدقة.
ولا أخفيكم القول إن أغلب المشاركين المتحمسين للخوض في غمار العملية الانتخابية عبروا بوضوح عن مخاوفهم من قضية الأصوات المنقولة، إذ بات من الصعب أن يقدر المرشح مسألة فوزه في الانتخابات أو خسارته ضمن دائرته الانتخابية.
• لكن الحكومة تتحدث عن أن الأصوات المنقولة ما بين 90-100 ألف، ورجع منها تلقائيا 14 ألف صوت، وسط طعون قدرت بمئات الألوف وهي أرقام مخيفة، لكن أنتم كحزب يستعد لإطلاق قائمته قريبا خلال شهر رمضان المبارك، ألا ترى أنكم تأخرتم في الإعلان عن قائمتكم؟
- لقد حاولنا بكل الوسائل المتاحة والمشروعة أن نثير اعتراضنا على قضية الأصوات المنقولة لدى الجهات المعنية، وأتمنى أن يكون لدى الحكومة القدرة الفنية لمعالجة الطعونات الكثيرة في الفترة المحددة لذلك، وإذا قامت الحكومة بمعالجة موضوع الطعون بشفافية وبسرعة ومصداقية فهي إشارة جيدة منها تجاه انتخابات نزية، أما بالنسبة للتأخير عن الإعلان عن قائمتنا، لا أرى أن هناك تأخيرا، اذ ارتأى الحزب أن تتم دراسة الأسماء المرشحة بعناية ودقة لضمان فوزها وتمثيل أكبر عدد منا لأعضاء في المجلس المقبل.
• هل كان السبب في تأخير الإعلان عن قائمة مرشحيكم توجه رئيس حزب التيار الوطني عبدالهادي المجالي لترشيح نفسه؟
-ليس هناك علاقة بين ترشيح رئيس الحزب عبدالهادي المجالي وعملية التأخير في الإعلان عن قائمتنا الانتخابية، وحتى الآن لم يبت الحزب في أسماء مرشحينا، رغم أن بعضهم يحظون في مناطقهم بفرصة جيدة للفوز، لكن توجهنا أن يخرج البيان الحزبي أولا، لا سيما وأن مسودته النهائية تناقش في المجلس المركزي في الحزب حاليا.
وأود أن أقول أن سياسة الحزب تبين أن: كل من يريد أن يترشح تحت اسم التيار الوطني يجب أن يلتزم ببيان التيار ولا يخرج عن بنوده.
• هل سيُفاجأ الشعب الأردني بمجلس النواب السادس عشر أن حزب التيار الوطني يعلن عن أعضاء سريين لم يعلن عنهم كمرشحين؟
- أعتقد أن كل الأسماء والمناطق والقضايا مطروحة ومكشوفة ومعروفة لدى الجميع في الأردن، فنحن في الحزب نريد أن نبرهن على مصداقية وثبات على مبادئنا، وأن يكون برنامجنا قابلا للتطبيق، ونطمح أن يكون لنا حضور إيجابي ومعقول، وأن نحصل على مقاعد في مجلس النواب بأعداد مؤثرة.
• إذن نستنتج من مضمون حديثك أن طموح الحزب يمتد ليصل إلى ما هو أبعد من مجلس النواب، كأن يقوم بتشكيل حكومة في المستقبل؟
- إن طموح أي حزب وطني مشروع هو تشكيل حكومة إذا كانت الأغلبية البرلمانية مع هذا الحزب، وضمن اللعبة البرلمانية الشاملة المتفق عليها ليس عيبا أو محرما، فهذه هي العملية الديمقراطية التي لفت إليها جلالة الملك عبدالله الثاني مراراً؛ سيكون هناك تناوب على السلطة التنفيذية بمعنى أن الأغلبية البرلمانية ضمن أساس وممارسات واضحة، ستكون مسؤولة، وهذا متبع في برلمانات العالم، لكن في بلادنا يتم النظر الى هذه المسألة بنوع من الريبة، رغم أن العمل السياسي الحزبي هدفه أن تصل إلى المكان الذي تستطيع فيه أن تحقق المبادئ والشعارات التي ناديت بها.
• بالعودة إلى تأسيس حزب التيار الوطني، ولا سيما أن تجارب الحزب الوطني الدستوري فشلت رغم مشاركة القيادات الحزبية نفسها في "الوطني"، هل أخذتم بعين الاعتبار التجربة السابقة، وما هي الضمانات حتى لا تتكرر تجربة الفشل؟
- إن الذي لا يتعلم من تجاربه لا يستطيع أن يتقدم، وقد أصبح لدى قيادة الحزب الكثير من التجارب والمرجعيات في التقدم نحو الأمام جلها وضعت في خدمة الوطن، وأعتقد أن العمل الحزبي ليس بحاجة إلى نظام داخلي أو مدونات فقط، بل أبعد من ذلك، وهو ممارسة العمل الحزبي الوطني الذي يخلق الوعي عند الشعب، لكن حتى الآن ما يزال الوعي الشعبي الإيجابي تجاه الأحزاب الوطنية غير مكتمل في الأردن، وسط مخاوف غير مبررة، فالعمل الحزبي هو جزء أساسي لتجذير العملية الديمقراطية وركائزها، فلو نظرنا إلى تجربة الأحزاب الأوروبية التي يزيد عمرها على 150 عاما، فقد مرت بمراحل صعبة حتى أصبحت مستقرة وحكمتها عملية الممارسة والتقييم الذاتي على أرض الواقع، فضلا عن أهمية تزايد الوعي الشعبي، والتشريعات الدستورية والقانونية التي ثبتت هذه الممارسات.
• منذ إقرار أول قانون للأحزاب قبل عشرين عاما حتى الآن ما تزال التجربة الحزبية في الأردن مرتبكة، إلى ماذا تعزو ذلك؟
- حقيقة هناك أسباب مشتركة ساهمت في تشكيل صورة ذهنية بأن التجربة الحزبية في الأردن مرتبكة وغير مستقرة، منها: المناخ العام، فضلا عن عدم ثقة المواطن بالأحزاب، ما يتطلب ترسيخ الوعي الشعبي المستمر بأهمية العمل الحزبي، وهذا الواقع لا يقتصر على الأردن، كما أن الممارسة الحزبية لم تتجذر بعد.
فالنظام العربي يعاني أيضا من مشكلة فيما يتعلق بمفهوم الديمقراطية، نريد أن نصبح دولة متقدمة وحديثة، لكن هناك أساسيات يجب أن نعمل على توافرها من أهمها تركيز وتجذير الديمقراطية، سيادة القانون وتعزيز مفهوم المؤسسية، فصل السلطات، ونحن في الطريق، ولم نصل إلى المستوى الذي يمكننا من القول إننا مجتمع ديمقراطي كامل، وعندما كنت وزيرا في حكومة طاهر المصري العام 1991 سررت كثيرا عند إصدار قانون الأحزاب، واعتبرناه بداية إنعاش المفهوم الحزبي في الأردن.
• حتى الآن نتحرج من القول إن الحكومات المتعاقبة لم تقدم أرضية تشريعية ولوجستية لعمل بنية حزبية قوية، نلاحظ أن مجالس النواب اللاحقة قامت بتمرير قوانين مصيرية، لا تمت بصلة أصلا للديمقراطية، ما تعليقك على ذلك؟
- إذا كان رئيس كل السلطات الدستورية جلالة الملك عبدالله الثاني أعرب عن أمله في معظم خطاباته بأن يكون في الأردن عمل حزبي يمثل جميع الناس، ورغم توافر الإرادة السياسية العليا التي تنادي بالحياة الحزبية، إلا أن هناك "فلتانا" نوعا ما في عملية التطبيق.
فالمسؤولية تقع على الجميع، فإذا أصدر مجلس النواب وهو السلطة الوحيدة التي تقر تلك القوانين قانوناً ليس في مصلحة الشعب (لا سمح الله)، فأقول: إن الشعب هو الذي اختار أعضاء المجلس مما يتوجب عليه أن يدقق في اختياراته عند الإدلاء بصوته، من دون إغفال الدور المهم المنوط بمجلس الأعيان صاحب الصلاحية أيضاً بالتشريع والمراقبة.
وكذلك الحكومات التي ما تزال تعتقد أن عملية الانخراط في العمل الحزبي غير مجدية أو جدية، ومع ذلك، نقول ما تزال التجربة الحزبية المشروعة في الأردن في مرحلة مخاض، وقد تحتاج عملية الولادة الى أكثر من 50 عاما، وهذه التجربة تحتاج إلى مزيد من الصبر حتى تكتمل، وهذه مسؤولية الجميع حكومات ونوابا وأحزابا وآخرين.
•حتى الآن، لم يستطيع حزب التيار الوطني أن يقدم أي رؤية إصلاحية واضحة في الأردن من خلال برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة، هل أنتم كحزب نخبة ورجال دولة سابقين وحاليين جئتم لتنظموا الحياة السياسية لصالح مراكز قوى معينة، أم أنكم جماهيريون تسعون لتكوين حزب قوي؟
- في البداية، ذكرت أن حزب التيار الوطني جديد على الساحة وعمره الفعلي لا يتجاوز 12 شهرا، وهو حزب لكل الوطن، إذن فهو حزب شعبي ونخبوي في آن واحد، إذ إن وجود النخبة ضروري في كل حزب لإثراء التجربة بالأفكار، وهو شعبي كبير ولا يقتصر على فئة معينة، فعندما كنا في المؤتمر التأسيسي بالبحر الميت العام الماضي شارك ما يقارب ألفي مواطن، رغبوا في التوقيع على وثيقة التأسيس، منهم فقط 30% هم نواب وأعيان ومسؤولون سابقون في الحكومة وأطباء ومهندسون وأساتذة جامعات وغيرهم، ومن تبقى من أبناء شعبنا الأردني بكل فئاته الذين جاءوا لإيمانهم المطلق بمبادئ الحزب، وهذا دليل على جماهيريته، لكن بعض أفراد المجتمع يربط مفهوم الحزبية بأن تكون معادية للدولة وهذا كلام غير صحيح.
• كيف يمكن أن نحدث إصلاحا في ظل التغير المستمر للحكومات؟
- إن تغيير الحكومات وعدم الاستناد إلى المؤسسية بالعمل يؤثر على استمرار عملية الإصلاح المجتمعي والسياسي والاقتصادي، اذا أردنا ان نتكلم عن الديمقراطية لنأخذ أي تجربة في الغرب، فالحكومات تأتي مع الانتخابات، والبرامج تأتي بها الأحزاب، التي تشكل الحكومات بعد أن تصل للبرلمان، والحكومات عليها أن تنفذ البرامج التي اقترحها الحزب، ونحن نفتقر إلى هذه السلسلة، وتجاهلها يخلق إرباكا في عملية الإصلاح، وإلا سيبقى هناك تغيير حكومي باستمرار، ونحن نريد أن تكون الجهات الممثلة للحكومة ممثلة للمشروع الذي نادت به وأوصلت نوابها الى البرلمان، لكن ظروف الأردن الصعبة تدفع باتجاه التغيير دائما، مع العلم أن البديل غير موجود، والذي يتمثل بوصول تيارات وطنية منظمة وقوية للمجلس، تتمكن من محاسبة الأداء الحكومي، وهذا بحاجة إلى وقت وممارسة للعمل الحزبي كما قلت في بداية حديثي، فالتجربة حتى الآن لم تعط ثمارها لعدم وجود برنامج واستراتيجية ورؤية واضحة.
• ظهر في المجتمع مؤخرا حراك للمعلمين، وعمال المياومة، أين موقف الحزب الوطني من هذا الحراك؟
- بالرجوع إلى الذاكرة إلى ما قبل أكثر من عشرين عاما وحتى الآن، أعتقد أن الأردن بقيادته قدم الكثير لقطاع التربية والتعليم، وما يزال هناك تواصل وتفاعل فكري ومادي مع قضايا المعلمين في الداخل والخارج، حتى أن الدولة أعطت المحور التنموي الخاص بالتربية والتعليم أولوية على كل القطاعات والمحاور الأخرى في برامجها، فالمعلم كان وما يزال محور التطوير التربوي وأصبح المعلم الاردني رمزاً وطنياً للإنجاز.
أما فيما يتعلق بمطالباتهم بإنشاء نقابة تدافع عن حقوقهم، برأيي أن القانون هو الفيصل في هذا الموضوع، وذلك عندما جاء مجلس تفسير القوانين في السابق وقال إنه لا يوجد إمكانية لعمل نقابة، لكن الباب مفتوح لعمل اتحادات أو جمعيات التي تلبي طموح المعلم ودوره في المجتمع، إذن لا بد ان نعمل على الجزئية التي سمح بها القانون، وهذا يتطلب حوارا مع هذا القطاع المهم حتى يتمكن في التعبير عن نفسه، نحن نتبنى القانون ونحترمه، فإن ذلك يتطلب حوار بناء وهو الأساس، وأعتقد أن الحكومة بجميع مؤسساتها والمنظمات غير الحكومية، قادرة ان تلعب دورا إيجابيا في ذلك وتساعد في خلق حوار موضوعي، وما ينطبق على قضية المعلمين ينطبق على عمال المياومة بالاحتكام إلى القانون.
• نلاحظ أن القوى السياسية متواجدة في النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، هل هناك توجه عام لدى التيار للتواجد فيها بقوة لخوض معركتكم الانتخابية المقبلة؟
- يوجد تواجد قوي لأعضاء الحزب في النقابات المهنية، وهناك لجنة محددة بأعضائها مسؤولة عن العلاقة مع المجتمع المحلي، ونحن نعمل على ذلك، ونحن حزب يمر بمرحلة النضوج، ومشوارنا طويل لنضع الفلسفة والآلية للحزب، ومن ثم نعمل ونسير في عملية اجتماعية وسياسية طويلة كما حدث في الغرب، إذ تطلبت تجربتهم الحزبية سنوات طويلة حتى وضعت الإطار الواضح لعملها.
نحن في الحزب على استعداد تام لوضع خبراتنا في صالح الأردن أولا والمواطن الأردني.
• بصفتكم سفيرا سابقا كيف تقيم أداء السفارات الاردنية في الخارج وسط اتهامات لها بالتقصير في الترويج للأردن سياحيا، وجذب الاستثمارات التي ترفد الاقتصاد الوطني؟
- إن علاقة السفراء في الخارج والجاليات الأردنية تحددها تعلميات وزارة الخارجية والمهام التي تناط بهم، ومتابعة إجراءاتهم وتقييمها بناء على تقارير رسمية تصدر كل ستة اشهر الى الخارجية ومراجعتها، وثانيا السفير نفسه ورغبته في التواصل مع الجاليات الأردنية، وجعل باب السفارة مفتوحا والقنوات الاتصالية مستمرة في الحد الممكن، آخذين بعين الاعتبار البعد الجغرافي لتواجد الجالية عن السفارة، مع التركيز على أهمية الإعلام الرسمي الأردني في الخارج (وكالة بترا) وهي النافذة الإعلامية لخلق قنوات اتصالية من خلال تواجدها في تغطية الفعاليات وتواصلها مع أبناء الوطن، لكن من خلال متابعاتي ما يزال هناك جهود مطلوبة من قبل بعض السفارات في أداء دورها الفاعل في ترويج الأردن سياحيا، وتنشيط السياحة العلاجية، وجذب الاستثمارات للبلد، في المقابل على وزارة الخارجية أن تتابع وتدعم السفارات معنويا وماليا لتنفيذ نشاطاتها المختلفة.
• إن الوضع المائي في الأردن مقلق، بصفتك وزيرا سابقا للمياه ورئيس لجنة المياه والزراعة في مجلس الأعيان الحالي، هل طلبتم من الحكومة إعطاء أولوية في مشاريعها لتأمين الأمن المائي للسكان؟
- إن موضوع المياه يقلقني ويقلق كل المسؤولين في الأردن؛ لسبب واحد أن مصادر المياه المتجددة في الاردن ماتزال قليلة جدا في وجه المطلوب من الاحتياجات، وهناك عجز مائي متراكم، كما أن برامج الحكومة لتوفير المياه المطلوبة طويلة الأمد، بالرغم من أن إدارة المياه لدينا متميزة وكفوءة، ولكن الزيادة الهائلة في السكان مطردة، وتوجد استثمارات هائلة بحاجة إلى مياه اكثر، حيث ان عدم ايجاد مصادر جديدة سيزيد من نسبة العجز المائي، لذلك طالبنا ونطالب الحكومة بالإسراع في تنفيذ مشاريع تحلية مياه في العقبة لأنها المكان الوحيد الذي يمكن الاستمرار في تحلية مياهه.
السيرة الذاتية
- حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة المدنية من جامعة لايبزخ الألمانية، وهو عضو مجلس الأعيان الثالث والعشرين، ولجنة المياه والزراعة، وعضو لجنة الشؤون الخارجية، ورئيس لجنة الصداقة البرلمانية الاردنية الألمانية.
- عمل خلال عامي 2005 - 2006 سفيرا للمملكة في ألمانيا الاتحاديـة وفي السويد وبولندا والدنمارك وفلندا.
-كما شغل عامي 2000 و2001 منصب نائب رئيس الوزراء - وزير دولة لرئاسة الوزراء - وزيرا للنقل.
- في عامي 2000-2001 شغل منصب رئيس مجلس إدارة سلطة الطيران المدني.
- عمل رئيسا لمجلس إدارة سكة حديد العقبة، ورئيس مجلس إدارة الخط الحديدي الحجازي الأردني، ورئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم قطاع النقل العام.
- في العام 1996 وحتى 1997 وزيرا للسياحة والآثار. ورئيس مجلس إدارة سلطة اقليم البتراء، ورئيسا لمجلس إدارة هيئة تنشيط السياحة.
- بين عامي 1994 و1996 شغل منصب وزيـر المياه والري، ورئيس مجلس إدارة سلطة المياه، ورئيس مجلس إدارة سلطة وادي الأردن.
- في الإعوام 1993-1997 كان عضوا في مجلس النواب الأردني الثاني عشر، و1991-1993 وزيرا للشباب والرياضة، من ثم رئيسا للجنة الأولمبيـة الأردنية.
الفيصل في قضية نقابة المعلمين هو القانون
فيما يتعلق بمطالبات المعلمين بإنشاء نقابة تدافع عن حقوقهم، برأيي أن القانون هو الفيصل في هذا الموضوع، وذلك عندما جاء مجلس تفسير القوانين في السابق وقال إنه "لا يوجد إمكانية لعمل نقابة". لكن الباب مفتوح لعمل اتحادات أو جمعيات تلبي طموح المعلم ودوره في المجتمع، إذن لا بد أن نعمل على الجزئية التي سمح بها القانون، وهذا يتطلب حوارا مع هذا القطاع المهم حتى يتمكن في التعبير عن نفسه، فنحن نتبنى القانون ونحترمه، والحوار البناء هو الأساس. وأعتقد أن الحكومة بجميع مؤسساتها والمنظمات غير الحكومية، قادرة على أن تلعب دورا ايجابيا في ذلك وتساعد في خلق حوار موضوعي.
" الغد "