عمان- فتح قبل نحو أسبوعين إعلان حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، قرارها بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، حراكا وجدلا واسعا داخل الأوساط الحزبية والسياسية حول مواقف المسؤولين الحكوميين في التعاطي مع قرار المقاطعة، وفتح حوار مع هذه الجهات لحثهم على المشاركة.
القوى الحزبية تراقب وتدرس المواقف والتصريحات الرسمية بالتفصيل لقراءة التوجه الحكومي بخصوص فتح قنوات حوار جدية مع الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات، وتلك التي ما يزال موقفها متأرجحاً.
لا يرى حزبيون ومراقبون، حتى الآن، أن الحكومة بصدد البدء بحوار جدي وفاعل مع الأحزاب، بالرغم من أنها لم تغلق الباب بعد.
ولكن هناك توقع مبني على معلومات يتداولها أكثر من طرف، وأشار إليها رسميون، عن توجه حكومي حقيقي لإجراء حوار مع أمناء وقيادات الأحزاب ومنها الإسلامية، سيتناول مختلف القضايا وأهمها المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة.
ويبدو أن هناك حالة من الترقب المشوب بالحذر من الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بالانتخابات، لم تعبر عنها قيادات الحركة الإسلامية فقط، بل انسحبت على الأمناء العامين لأحزاب لوحوا بـ"الانسحاب أو تبديل موافقهم نحو مقاطعة الانتخابات" في حالة "ارتكاب أخطاء إجرائية" تتعلق بالعملية الانتخابية ضمن مراحلها المختلفة.
وعلى مستوى الحركة الإسلامية، جددت قيادات بارزة فيها، إلى "الغد"، نفيها ما تواتر عن أنباء بفتح الحكومة قنوات حوار مع الحركة للتفاوض أو النقاش حول المشاركة في الانتخابات.
وهو ما أكده رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عبد اللطيف عربيات، مشددا على أن ما يتم الحديث عنه في بعض لقاءات السياسيين "مجرد أحاديث جانبية" بين بعض المسؤولين ولا يمكن تصنيفها تحت أي عنوان "للاتصالات الرسمية أو التفاوض".
إلى ذلك، تراوح التصريحات الحكومية "مكانها" وإن كانت بلهجة "أقل حدة"، حسب مراقبين، لجهة التمسك بموقفها بنفي عزمها فتح أي حوارات مع الأحزاب تحت بمبررات إجراء انتخابات وفق أحكام القانون والوقوف على مسافة واحدة من الأحزاب.
ولعل شيوع أنباء عن نية الحكومة التقاء الأحزاب السياسية مرة أخرى على غرار لقاء نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف القاضي معهم قبل أسابيع، زاد من التسريبات بين الأوساط الحزبية لاحتمالات التقاء رئيس الوزراء بهم.
ويعتبر حزبيون أن لقاء الرفاعي بهم "قد تأخر كثيرا"، رغم استعداد الأحزاب، وعلى رأسها الحركة الإسلامية، للحوار حول "آليات ضمانات العملية الانتخابية".
وفي هذا السياق، لم ينف المستشار السياسي لرئيس الوزراء الناطق الرسمي
باسم الانتخابات سميح المعايطة، إلى "الغد"، أي احتمال لعقد اللقاء، قائلاً "لا يوجد ما يمنع لقاء الرئيس بالأحزاب، ولا يوجد أي ترتيبات بهذا الخصوص حتى الآن".
ويرى محللون أن "صمت الحكومة الرسمي" حيال مطالبات القوى الحزبية في "غير محله"، في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى "عدم توجه القواعد الشعبية المتأثرة"، بوجود الحركة الإسلامية في دوائرها، إلى صناديق الاقتراع.
في حين يأمل وزيرا التنمية السياسية موسى المعايطة والدولة للشؤون البرلمانية توفيق كريشان بمشاركة الإسلاميين في الانتخابات، وفق تصريحات لوسائل الإعلام.
المراقب العام السابق للجماعة سالم الفلاحات تساءل، في تصريح إلى "الغد"
عن الأسباب التي "تمنع الحكومة من الحوار"، في الوقت الذي أشار فيه إلى "استنكار العديد من الشخصيات السياسية" موقف الحكومة من التجاوب مع مطالب الحركة والقوى الحزبية.
ووصف التسريبات المتعلقة بوجود اتصالات بين الحركة والحكومة "فبركة إعلامية"، مضيفاً إن "أصول الحوار أن يجرى بشكل رسمي مع الحركة من دون وسطاء وان يتم الإعلان عنه"، مشككاًً في أن يكون لدى الحكومة"نية للحوار".
ورغم أن مطالب الحركة الإسلامية تتعلق في المرحلة المقبلة بإجراءات رقابية في غالبيتها على الانتخابات وتصويب أوضاع الأصوات المهاجرة في الدوائر الانتخابية المقدرة أعدادها بتسعين ألف منذ انتخابات 2007. تزامنا مع تنامي الاعتراضات المسجلة على جداول الناخبين.
إلا أن مطالب موازية شددت عليها قوى حزبية أخرى كحزب الجبهة الأردنية الموحدة، الذي أكد أمينه العام أمجد المجالي على "مراقبة حزبه لسير الإجراءات الحكومية" في إدارة العملية الانتخابية، و"تلويحه بالانسحاب في حال ارتكاب خطأ إجرائي".
واعتبر أن الخطاب الحكومي مع الأحزاب "لا ليونة فيه"، مستغربا في الوقت نفسه تلك "التأويلات" التي تعتبر أن فتح الحكومة لحوارات مع الأحزاب "يعد تنازلا".
وفي الوقت الذي اعتبر فيه المجالي أن المشهد الانتخابي من دون مشاركة أي قوى حزبية فاعلة "يهدد نجاحها"، أشار إلى أن الحزب بصدد رصد الإجراءات الحكومية المتعلقة "بتصويب الأصوات المهاجرة" التي جاوزت الاعتراضات بشأنها 78 ألف اعتراض وطعن خلال الأيام الثلاثة الأولى من فترة الاعتراض.
وأوضح أن للحزب أحقية في إعادة النظر في قرار المشاركة لجهة المقاطعة ودراسته في حال لم تتوافق الإجراءات مع القانون.
ويراهن مراقبون على نتائج الإجراءات الحكومية حال الانتهاء من فترة التقدم بالطعون يوم السبت المقبل، حيث يرى البعض في نتائجها "تحديا مفصليا" لقياس مدى "جدية الحكومة" في إجراء انتخابات وفق أحكام القانون.
فيما يروا أن مقاطعة الأحزاب الفاعلة في الانتخابات ستلقي بظلالها على حجم المشاركة